xxxxxxxxxxxx xxxxxxxxxxxx
محمد بكري - وداعاً !
محمد بكري - وداعاً !
24/12/2025
المصدر : مبدا فرحات / راديو الناس
 

وداعٌ يليق بالحكاية: من اللحظات الأخيرة في حياة الراحل محمد بكري إلى التشييع
من تقرير  مبدا فرحات في موقع راديو الناس

شيّعت جماهير غفيرة، مساء اليوم الأربعاء، جثمان الفنان والمخرج الفلسطيني الراحل محمد بكري، في مسقط رأسه قرية البعنة، في جنازة مهيبة غلبت عليها مشاعر الحزن والفخر، امتزج فيها الوداع بالأغاني الوطنية والدموع الصامتة، في مشهد أعاد التأكيد أن الراحل لم يكن فنانًا عابرًا، بل حكاية وطن وصوت قضية.
وانطلق موكب التشييع عند الساعة التاسعة مساءً، حيث وُوري جثمان الراحل الثرى في المقبرة القديمة في القرية، فيما أعلنت العائلة تقبّل التعازي في مسجد الروضة وفي بيت العائلة، من الساعة العاشرة صباحًا وحتى العاشرة مساءً.

اللحظات الأخيرة
وروى الممثل صالح بكري، ابن الفنان محمد بكري، تفاصيل وفاة والده ولحظاته الأخيرة في حديث خاص لـ "راديو الناس"، وتحدّث عن رسالته إلى المجتمع العربي. وقال صالح: "كان والدي يعاني من آلام في البطن في الأيام الأخيرة، وخضع لعملية جراحية، وبعد أيام قليلة تدهورت حالته إثر مضاعفات صحية، مما استدعى تخديره ووضعه على جهاز التنفس الاصطناعي، لتوافيه المنية بعدها بيومين".
وأضاف: "ربما لم نفاجأ نحن في العائلة المصغرة لأننا كنا على دراية بوضعه الصحي، ولكن وفاته فاجأت شعبه وأحزنت الناس؛ لأنهم أحبوه وأحبهم، ولأنه كان صوتهم. فرسالته في الفن لم تكن مجرد فن وترفيه، بل كان إنسانًا حقيقيًا، صادقًا، ووفيًا لأهله وشعبه".

وخلال الجنازة، عبّر مقرّبون وأصدقاء عن عمق الخسارة، ففي حديث خاص مع جمال ياسين بكري، ابن عم المرحوم قال لراديو الناس:«أبو صالح أخ وصديق، وإنسان حمل قضية شعبه بكل صدق. فقدنا إنسانًا عزيزًا وغاليًا على قلوبنا".
وأضاف:" ربما فقدنا إنسانًا، لكننا لن نفقد قضيتنا ولا شعبنا ولا أملنا. أملنا أن يُكمل الشباب مسيرته ويسيروا على خطاه، رغم الهجمات الشرسة التي تعرّض لها. نحيّي كل من وقف بجانبنا… رحمه الله.»

مسيرة حياة… حين يصبح الفن موقفًا
برحيل محمد بكري، تفقد الساحة الثقافية والفنية في البلاد والعالم العربي أحد أبرز رموز الفن الفلسطيني الملتزم. فقد وافته المنية اليوم الأربعاء في مستشفى الجليل الغربي بمدينة نهاريا، عن عمر ناهز 72 عامًا، بعد مسيرة فنية استثنائية امتدت لأكثر من أربعة عقود.
وُلد بكري عام 1953 في قرية البعنة في الجليل، ونشأ في بيئة وطنية وثقافية صقلت وعيه المبكر، ودفعته إلى اختيار الفن وسيلةً للتعبير والمقاومة. تلقّى تعليمه الابتدائي في قريته، ودرس المرحلة الثانوية في مدينة عكا، قبل أن يلتحق بجامعة تل أبيب عام 1973، حيث درس الأدب العربي والتمثيل، وتخرّج بعد ثلاث سنوات.

فرض محمد بكري حضوره بقوة على خشبات المسرح وشاشات السينما، داخل البلاد وخارجها، بموهبته الفريدة وأدائه العميق، وقدرته على تجسيد الشخصية الفلسطينية بتعقيدها الإنساني والسياسي. لم يكن ممثلًا فحسب، بل مثقفًا عضويًا آمن بأن الفن موقف، وبأن المسرح والسينما مساحة لكشف الحقيقة ومواجهة الرواية السائدة.
«جنين جنين»… ثمن الحقيقة
إلى جانب التمثيل، خاض بكري تجربة الإخراج، وكان فيلمه الوثائقي «جنين جنين» من أكثر الأعمال إثارة للجدل في تاريخ السينما الفلسطينية، بعدما وثّق شهادات أهالي مخيم جنين عقب الاجتياح العسكري. هذا العمل جعله هدفًا لهجوم سياسي وإعلامي واسع، وملاحقات قضائية استمرت سنوات، في محاولات متواصلة لإسكاته وكسر إرادته.
ورغم كل الضغوط، تمسّك بكري بموقفه، ورفض التراجع أو الاعتذار، مؤكدًا أن واجبه الأخلاقي كفنان هو الوقوف إلى جانب الضحية، والدفاع عن حرية التعبير، حتى حين يكون الثمن باهظًا.
إرث لا يغيب
عُرف محمد بكري بمواقفه الجريئة والواضحة، ورفضه المساومة على قناعاته الوطنية والإنسانية، حتى في أكثر اللحظات صعوبة. دفع ثمن هذه المواقف تهميشًا وملاحقة، لكنه بقي حاضرًا، صلبًا، ومؤمنًا بدور الفن في حفظ الذاكرة ومساءلة الظلم.
وعلى الصعيد العائلي، خلّف الراحل زوجته ليلى، وستة أبناء: يافا، آدم، زياد، صالح، محمود، وحسن، حيث سار كل من آدم وزياد وصالح على خطاه في عالم التمثيل، حاملين جزءًا من رسالته الفنية والإنسانية.
برحيل محمد بكري، تخسر البلاد فنانًا استثنائيًا، وصوتًا لم ينكسر، وذاكرةً حيّة ستبقى حاضرة في أعماله، وفي الأثر العميق الذي تركه في وجدان الناس وأجيال من الفنانين.

 
   

للمزيد : أرشيف القسم
الكرمل للإعلام

الكرمل للإعلام
  • الصفحة الرئيسية
  • أخبار محلية
  • أخبار عالمية
  • مقالات وأراء
  • أخبار خفيفة
  • رياضة
  • فن وثقافة
  • مواضيع متنوعة

المواد المنشورة في الموقع على مسؤولية المصدر المذكور في كل مادة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الكرمل ©