xxxxxxxxxxxx xxxxxxxxxxxx

لَعْنَةُ سيزيف

لَعْنَةُ سيزيف
17/5/2023
بقلم : حسين سويطي
 

"معظم الناس يفضلون الموت على التفكير "
(برتراند راسيل) 
*****
{لا أنام كثيرًا 
لأن الأطفالَ في وطني إذا ناموا 
قد يُصبحوا شهداء
••••••••••
كنبضٍ يتتالى 
تنتفضُ ‏الأرضُ 
أو موجٍ يلطمُ صخرا 
لا توجدُ منطقةٌ وُسطى 
ما بينَ الفكرةِ والثورة}
*******

الليلُ يا صغيرتي
 صديقُ العشاقِ والثوّارْ
وخير جليسٍ وأنيسْ 
ورغمَ ظلمةِ المرحلة
 وعتمةِ سراديبها وزواريبها 
لم أزلْ أحلُمُ مؤمنًا بالجنّةِ هنا 
ولا أُشغِلُ نفسي بمصير البيضة 
وهل تجرُّ باءُنا، وباءُهُمْ لا تجرُّ؟!
فعلى الأرض السلام..
***
في الخامس من شهر الحربِ
أعني شهرَ حزيران النكسة 
كنا بعدُ صِغارًا ، أطفالًا خمسة
لم نعرف شيئًا عن هولِ الحرب 
إلا ما نسمعُ وَشْوَشَةً أو خِلسَةْ
كنّا نعيش براءَتَنا
 ننتظر الأهلَ على دربِ العودة
فوجئنا أنّ الحربَ تعودُ 
تقتلُ حُلُمًا 
تطحنُ حتى حجارَ البيتِ 
والأهلُ نيامْ 
وتعود الأرضْ لدورتها بهدوءٍ وسلامْ
والناسُ نيامْ
وعلى الأرضِ السلامْ
****
في زمنِ الردّة والتدليسْ 
تتفاوتُ أشكالُ التلحيسْ
يتغنّى القمع بألوانِه
يسودُ جمودُ الفكرِ 
تلتوي عنقُ المشاعرُ 
وتجفُّ غُدَدُ الأحاسيسْ
يتنكر المرءُ لمبادئه
 يصيرُ عبدًا للسيّدِ إبليس 
يعبدُ حتى معذِّبَه 
يتغنّى بحُسنِ مفاتنهِ
يشتغل المفتي بالتسييسْ
والناسْ نيام نيامْ 
وعلى الأرض السلامْ
****
المرايا وحدها تقول الحقيقة 
لا يُغريها ذهبُ المعزِّ 
ولا يُرهبُها سيفُهُ
وتجيبُ عن السؤال الأزليِّ :
"مِرآتي، هلْ في هذه الدنيا أجملُ منّي؟!"
وأنا، 
بعدَ هذا العمرِ الطويلْ 
من المفروض ان استقرَ على فوضاي 
فمهمٌ جدًا أن أعرفَ ما يقولُهُ الأعداءُ عنّي 
لأنهم لا يداهنون، 
والأفيالُ وحدَها تعرفُ نهايةَ أعمارها وتعرفُ الطريق الى المقبرة 
وأناُ
لا أزالُ أخافُ على الليل من شدّة عتمته
أخافُ على النهارِ من شِدّة ضوئهِ ووضوحهِ
وأخاف على نفسي من جرأتي 
وأخاف على جرأتي من نفسي  
ولعنةُ سيزيفَ كظلّي 
لم تزلْ تلاحقني 
كظلّي 
وأعرفُ  
أعرفُ نفسي وأعرفُ حِسّي
وأنّي قديمُ الحَسَبِ 
شريفُ النَسبِ
ولي تُنسَبُ جدودُ العربِ
فإلى آرامَ وقبلَ قبلَ آرامَ 
جذوري 
وحضوري 
قبلَ المسيحية والإسلامْ
 وعلى الأرضِ السلامْ
**** 
كنبضٍ يتتالى 
تنتفضُ ‏الأرضُ 
أو موجٍ يلطمُ صخرا 
لا توجدُ منطقةٌ وُسطى 
ما بينَ الفكرةِ والثورة
وأنا احفظ في صدري 
قبساً من طاقةْ
اقذفها في وجه الفوضى الخلّاقَةْ
ولأني 
أعيشُها مرةً واحدةً
واحدةْ
أعيشِها كما أريدُ أنْ أعيشْ
ولأني أحبُّ شعبيَ وأعشقُ عمري 
لا أنام كثيرًا 
لأن الأطفالَ في وطني إذا ناموا 
قد يُصبحوا شهداء
والناسُ نيامٌ نيامْ
وعلى الأرض السلامْ
******
(سيزيف هو بطل اسطورة يونانية حكمت عليه الآلهة ان يدفع حجرًا مهولًا الى أعلى الجبل وما يكاد يصل الى قرب القمة حتى يتدحرج الحجر الى اسفل الجبل ليعود ويدفعه من جديد ، وهكذا دواليك).

 
 

للمزيد : أرشيف القسم