xxxxxxxxxxxx xxxxxxxxxxxx

نحو مؤتمر جبهة الناصرة الديمقراطية

مسيرة مشرفة... ظروف مركبة.. وتحديات مصيرية

مسيرة مشرفة... ظروف مركبة.. وتحديات مصيرية
18/1/2023
بقلم : سهيل دياب - الناصرة
 

يعتبر انتصار جبهة الناصرة الديمقراطية الأول في التاسع من ديسمبر 1975, وانتخاب توفيق زياد رئيسا للبلدية, حدثا ذا أبعاد كبيرة على حياة المدينة وأهلها, وعلى مسيرة الحكم المحلي العربي , وعلى مسلك شعبنا الفلسطيني عامة. هذا الانتصار لم يكن فقط انتخابيا, وانما بالأساس سياسيا واجتماعيا وبمعركة الوعي.

في العام 1975, انتصر النموذج الجبهوي الوحدوي, على " النموذج السلطوي", وفي العام 1978, انتصر هذا النموذج على " نموذج الشرذمة ", وفي العام 1983 , انتصر على "نموذج  قطف الرأس", وفي العام 1989 , انتصرعلى "نموذج " الفئوية", وفي الأعوام 1998, 2003,2008 انتصرعلى نموذج " الفتنة الطائفية". أما في العام 2013, فقد خسرنا أمام أنفسنا وأمام من خرج من البيت الجبهوي, بحق او بغير حق,, وجميعنا كان  خاسرا.

ان مراجعة مواد المؤتمرات السبعة منذ تأسيس جبهة الناصرة الديمقراطية, أمر في غاية الأهمية, ليس فقط من أجل الاستعراض التاريخي, وانما بالأساس لبناء استراتيجية لمواجهة التحديات المستقبلية. وهي بلا شك تحديات صعبة ومصيرية في ظروف مركبة, محليا وعالميا, خاصة ونحن على عتبة انعقاد المؤتمر التنظيمي لجبهة الناصرة, والذي سيعقبه بالتأكيد أبحاثا عديدة تحضيرا لانتخابات البلدية القادمة.

البلدية. أم البلد !

رؤيا ثاقبة في التحالفات والائتلافات!

في العام 1952, أصدر مكتب الحزب الشيوعي في الناصرة كراسا  يشمل 23 صفحة من الحجم الصغير تحت عنوان: " لننقذ مدينتنا من بلدية الحكم العسكري"! حيث تم استعراض لأوضاع المدينة وأهلها بعد النكبة, مطالبا بضرورة اجراء انتخابات ديمقراطية وعاجلة, وبالفعل تم اجراؤها في العام 1954. ومنذ ذلك الوقت وضع الحزب الشيوعي المعادلة الواضحة, ووجه البوصلة الى الهدف, والهدف هو البلد وأهلها وليس البلدية كمؤسسة. وحدد أن يتم ضمان نموذج وطني يمثل المدينة بأيدي نظيفة وخدمة الناس كل الناس بسواسية وشفافية, بشجاعة ومسؤولية.

في الانتخابات الأولى للبلدية بعد النكبة, والتي جرت في العام 1954, شكل الحزب الشيوعي لائحته للبلدية على أساس تحالفي وتحت اسم " لائحة الحزب الشيوعي وغير الحزبيين", وهكذا بقيت حتى قيام جبهة الناصرة الديمقراطية في العام 1974, عندها تشكلت الجبهة من تحالف لأربعة مركبات: رابطة الاكاديميين, لجنة التجار والحرفيين وأصحاب المصالح الخاصة, لجنة الطلاب الجامعيين إضافة الى الحزب الشيوعي فرع الناصرة. وكان أول من دعا الى إقامة جبهة واوسع تحالف ,كان القائد الشيوعي المرحوم فؤاد جابر خوري والذي ترأس قائمة البلدية من أول انتخابات 1954 وحتى رحيله.

ان تجربة الائتلاف مع المرحوم عبد العزيز زعبي عام 1966 كانت لافتة ومميزة, حيث بادر الرفيق فؤاد خوري لإقامة ائتلاف في البلدية بين الشيوعيين (7 نواب) والمرحوم عبد العزيز ( نائب واحد) لينتخب المجلس البلدي الأخ عبد العزيز زعبي رئيسا للبلدية. صحيح ان التجربة لم تصمد اكثر من ثلاثة اشهر وفشلت امام ضغط السلطة وأجهزتها, لكنها شكلت عبرة هامة في توجه الشيوعيين نحو العمل المشترك بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة. 

جدير ذكره, أن اقتراح الشيوعيين لرئاسة البلدية في العام 1975 كان  الجبهوي  الدكتور أنيس كردوش, لكن مرضه المبكر ورحيله العاجل منع ذلك, ومن المفارقات الهامة ان الاقتراح بترشيح توفيق زياد في حينه جاء من قبل رابطة الجامعيين الجبهوية.!

بعد انتخابات 1989, ورغم حصول الجبهة على أكثرية في المجلس البلدي, دعا توفيق زياد الى ائتلاف شامل تاركا منصب نائبا للرئيس للأخ عمر شرارة من القائمة الإسلامية (ي س) شاغرا لمدة ثلاثة أشهر, لكن جاء الرفض لهذا العرض من الطرف الاخر. أما تجربة الائتلاف بعد نتائج انتخابات 1998 بين الجبهة وقائمة الناصرة الموحدة فكانت لافتة وتستحق مقالا مستقلا لما في ذلك من دروس وعبر. عندها فقدت الجبهة الأكثرية في المجلس البلدي داعيا الرئيس المنتخب المهندس رامز جرايسي لائتلاف شامل ومناصفة المناصب واللجان, الامر الذي فاجأ الكثيرين , لكن هذه المرة تم الوصول لتفاهم بعد 13 جولة مفاوضات مضنية  طالت لأكثر من سنة وكنت عندها رئيسا لطاقم المفاوضات في الجبهة, وكان هذا الائتلاف محطة هامة في تغليب مصالح البلد والناس عن المصالح الفئوية الضيقة.

في أحد اجتماعات الكادر الحزبي في الناصرة بعد انتخابات 1978 قال توفيق زياد: " لو خيرنا من جديد ان نحصل على 11 مقعدا عام 1975 كلهم شيوعيين, وبين ان نحصل على 11 مقعدا, منهم ستة شيوعيين وخمسة جبهويين, لكنا- كحزب شيوعي – اخترنا من جديد قائمة جبهوية شاملة"!! وأضاف ملخصا: " هذه هي المصلحة الحقيقية للحزب وما أحداث يوم الأرض 1976, وإقامة الجبهة القطرية عام 1977 وحصولها لأول مرة على 51% من أصوات  الجماهير العربية, الا برهانا على ذلك" !

هذا يؤكد أن لا تناقض على الاطلاق بين محافظة الشيوعيين على الفكر المبدئي وتنظيمهم الداخلي, وبين توسيع قاعدة التحالفات والائتلافات, هذا صحيح في القضايا الكبرى والصغرى, وهذا صحيح في المعارك السياسية وأيضا الانتخابية.


تحديات بعد المؤتمر!

التحدي الأول- أمامنا هو قراءة صحيحة وعميقة للمدينة, اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا, ما هي نقاط القوة ونقاط الضعف بشفافية ومشاركة كل من يريد, وتحديد استراتيجية لعملنا أمام تصاعد الفاشية, واتساع دائرة الفقر, وتفاقم الجريمة والسوق السوداء والخاوة, وفقدان الصلة مع الشرائح المستضعفة وجمهور الشباب. كل ذلك من خلال ورشات عمل وطاولات مستديرة وإتاحة الفرصة لكل مؤمن بطرق الجبهة ان يدلو بدلوه.

والتحدي الثاني- فحص هيكلية مبنى الجبهة وأي تحالفات نحتاج, واي شراكات نحتاج, واي ائتلافات نحتاج.

أما التحدي الثالث - فهو فحص آليات التواصل بين الجبهة والناس, وكيفية تطوير آليات تتناسب مع متطلبات المرحلة, بشكل عصري تستطيع أ من خلالها تعزيز التواصل على المستويات الثلاث: التنظيمي والإعلامي والشخصي!! فالحاجة ماسة للانعطاف نحو الناس كل الناس, وخاصة الشرائح المستضعفة وجمهور الشباب.! منعا للاغتراب واتساع الهوة القائمة اليوم.

 
 

للمزيد : أرشيف القسم