بعد أكثر من ثلاثة عقود كواحدة من أكبر نجمات العالم، تعود جوليا روبرتس إلى الواجهة في فيلم "الحقيقة وراء المطاردة"، وهو عمل درامي مليء بالصراعات عن السلطة والأسرار والأخلاق، من إخراج الإيطالي الشهير لوكا غوادانينو.
ورغم أنها تهربت من أسئلة حساسة خلال المؤتمر الصحفي في مهرجان فينيسيا، إلا أنها تشرح لماذا من الجيد أن يثير الفيلم الجدل، وتؤكد الفوارق بينها وبين الشخصية التي تؤديها:

- "الجزء الأصعب بالنسبة لي في الدور كان أن لا أكون لطيفة أو متعاطفة. أحيانًا كان تجسيدها مرهقًا".

أواخر أغسطس، في قصر المهرجانات في جزيرة ليدو بمدينة فينيسيا، أقيم العرض العالمي الأول للفيلم. آلاف المعجبين تجمعوا لساعات تحت الشمس بانتظار ظهور واحدة من أشهر نساء الكوكب. كثيرون منهم وُلدوا بعد نجاحها في أفلام مثل "امرأة جميلة" و"غلطة كبيرة".

كان الحدث تاريخيًا، فهي المرة الأولى التي تطأ فيها "ملكة هوليوود" مهرجان فينيسيا.
وأضفى اسم المخرج الإيطالي غوادانينو — صاحب أفلام "نادِني باسمك" و"المنافسون" — أهمية خاصة على المناسبة، وزاد من الشعور بالفخر المحلي.

نفدت التذاكر قبل العرض بأيام، وكان الحصول على مقعد في القاعة أشبه بالمستحيل. وعندما وصلت روبرتس إلى السجادة الحمراء، مرتدية فستانًا فريدًا تطلب 300 ساعة من العمل اليدوي من تصميم **داريو فيتالي**، الذي خلف دوناتيلا فيرساتشي في إدارة دار الأزياء الشهيرة، دوّى صراخ المعجبين في كل أنحاء الجزيرة.

روبرتس لبّت بابتسامتها المعتادة طلبات الصور والتواقيع. وعندما دخلت القاعة المزدحمة، وقف الحضور لتحيتها، فيما جلس خلفها زوجها المصور داني مودر، والد أطفالها الثلاثة، واللذان يحتفلان بمرور 25 عامًا على زواجهما.

خلال زيارتها لفينيسيا، أظهرت روبرتس روحًا مرحة ومتواضعة، كما لو أنها تحاول التأكيد أنها ليست "ديفا".
في اليوم التالي التقينا في فندق تشيبريني الفاخر في جزيرة جودِكا، الفندق الذي استضاف على مر السنين مشاهير مثل جورج كلوني، مات ديمون، نيكول كيدمان وأنجلينا جولي. ومع ذلك، بدا الموظفون متحمسين ومتوترين لاستقبالها.

 أرواح متقاربة

بعد 35 عامًا من فيلم "امرأة جميلة"، ما زالت جوليا جميلة جدًا.
في سن 57، بدت مشرقة ببدلة رياضية بيضاء مزخرفة بخطوط ملونة.
قبل المقابلة، كانت تمزح مع غوادانينو وتضحك بحرارة، ما يدل على علاقة الصداقة القوية بينهما.

عندما وصلت إلى فينيسيا، التقطها المصورون وهي ترتدي سترة مزينة بعشرات صور وجه غوادانينو. تقول ضاحكة:

- "أنا من صنعت هذا السويتر. أردت أن أصل إلى فينيسيا وأنا أرتدي لوكا على أكمامي!"

روبرتس لا تتوقف عن الإشادة به:

- "أنا واقعة في حبه — من الناحية المهنية — وأنا مفتونة بعقله وبالطريقة التي يرى بها العالم. يمكنني الإصغاء له لساعات. كل ما يقوله يأتي من تقدير عميق للجمال، للناس، وللألوان ومعانيها".

وتضيف مازحة:

- "أنا أحب تيلدا سوينتون جدًا، لكن التعاون بينها وبين لوكا انتهى الآن — أنا هنا، أنا الجديدة!"

تؤكد أن الحماس الذي يبديه غوادانينو في موقع التصوير هو ما يجعلها تصمد في الأيام الطويلة والمتعبة:

- "أن تعمل بجانب شخص يشعر كطفل مبهور بما يفعل — هذا يملأك بالطاقة".

 في طريق الأوسكار؟

هوليوود تدفع بالفيلم وروبرتس نحو سباق الجوائز.
لديها بالفعل ثلاث جوائز غولدن غلوب وأوسكار عن "إيرين بروكوفيتش" (2001)، لكنها تطمح لجوائز جديدة تعيد تأكيد مكانتها.

في السنوات الأخيرة شاركت في أفلام مثل "تذكرة إلى الجنة"* مع جورج كلوني (2022) و"اتركوا العالم خلفكم" على نتفليكس (2023).

أما الآن، فهي تعود بـ"الحقيقة وراء المطاردة" ، الذي تدور أحداثه في جامعة نخبوية من رابطة الآيفي ليغ.
تؤدي فيه دور ألما أولسون، أستاذة فلسفة مرموقة متزوجة من طبيب نفسي يهودي (مايكل ستولبارغ).
إحدى طالباتها المقرّبات، مارغريت برايس (التي تؤديها آيو إدبيري من مسلسل "الدب")، تتهم زميلًا للأساتذة — وصديقًا مقربًا من ألما — بالتحرش والعنف الجنسي، ثم تكتشف سرًا مظلمًا من ماضي ألما وتهدد بكشفه.

- "المشكلات هي المادة الأكثر إثارة، ومن الممتع لعب دور معقّد"، تقول روبرتس.
- "الفيلم سلسلة من الصراعات، كأنك تراقب قطع دومينو تسقط واحدة تلو الأخرى. هذا النوع من الأدوار يجعلك تنهض متحمسًا كل صباح".

تضيف بابتسامة:

- "ليس لديّ أي أسرار. أنا نافذة مفتوحة. لكن ألما ليست كذلك — إنها هشة جدًا، تحاول دائمًا أن تسيطر وتبدو قوية لأنها، في أعماقها، ليست أيًّا من ذلك".

أما عن الانتقادات التي وُجهت للفيلم بأنه "معادٍ للنساء"، فتقول روبرتس:

- "الفيلم لا يحاول إحياء نزاعات بين النساء، بل يشجع على الحوار. في زمننا، نحن نفقد فنّ الحديث".

وتختم بابتسامة واسعة:

-"أعظم إنجاز بالنسبة لي هو أن يخرج الناس من الفيلم وهم بحاجة إلى التحدث عنه. أن يبدأوا حوارًا صادقًا — حتى لو كان صعبًا — حول الغضب، والضعف، والإنسانية. هذا، بالنسبة لي، هو جوهر الفن".