على الرغم من أحاديث “الحسم”، لا خيار لقوى السلام إلا أن تكون في جانب النور
7/10/2025
بقلم : عودة بشارات / هآرتس
"مبارك من يتغير ولا يتبدل". في مثل هذا الأسبوع قبل عامين، بذل كبار زعماء العالم جهدهم للحضور إلى هنا من أجل تقديم التعازي والتضامن مع إسرائيل بعد مجزرة 7 أكتوبر. وكأن سنوات ضوئية تفصل بين مشاهد التضامن آنذاك وبين ما نراه اليوم. حماس نفسها، التي طُردت آنذاك من كل مكان، تتلقى اليوم عناقًا من دول العالم، حتى الرئيس دونالد ترامب يقول إنه متشجع من ردّ المنظمة على خطته لوقف إطلاق النار، ويكتب أن حماس "مستعدة لسلام دائم".
المفارقة بلغت ذروتها: بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب، اللذان أعلنا عزمهما على سحق حماس، كانا ينتظران بفارغ الصبر ردّها؛ ترامب أراد ردًا إيجابيًا، أما نتنياهو، فالأرجح أنه أراد ردًا سلبيًا.
في ليلة الجمعة – السبت أضاء النور المنطقة، وبدا أن نهاية الحرب تلوح في الأفق، وأن المخطوفين سيعودون إلى بيوتهم، وأن الأسرى الفلسطينيين سيُفرج عنهم، وأن غزة ستتوقف عن النزف. كانت ليلة أمل، لكن في المنظومة السياسية والعسكرية في إسرائيل لم يسمحوا للتفاؤل بأن يربكهم. فهؤلاء القادة والضباط محصنون ضد النور والأمل. وفي صباح ذلك اليوم، استمر القصف، وسقط 61 شهيدًا فلسطينيًا — يوم آخر في أرض المعاناة.
الحدث الذي قُدمت فيه خطة ترامب يمكن تسميته "لحظة إذلال"، إذلال للطرف الفلسطيني. حتى الرئيس محمود عباس لم يُسمح له بالقدوم إلى نيويورك. كما اختفت ديكورات ممثلي الدول العربية والإسلامية. ويتضح أن *بالنسبة لترامب، العالم العربي لا يساوي أكثر من آلة صراف آلي*. ومن الطبيعي أن نفهم المحتفلين: لا ينبغي أن يُعكّر التحالف بين الإنجيليين والمسيانيين في إسرائيل. وعندما لا يوجد ممثل للطرف الآخر، يبدو وكأنها مراسم سلام بين أمريكا وإسرائيل، "ما أجمل وما أطيب أن يجلس الإخوة معًا".
في هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن ضعف العالم العربي مضلّل، فهو أشبه بمستنقع يجذب كل من أصيب بجنون العظمة ليغرق فيه. أما دولة إسرائيل، فهي تسبح في الوحل العربي بعزم وكبرياء.
كان هدف مراسم إذلال الفلسطينيين واضحًا: دفع حماس إلى الرفض. لذلك يمكن فهم دهشة حكومة نتنياهو — فقد كانوا يتوقعون أصوات الحرب، لكنهم سمعوا أصوات السلام. استمرار القصف وكأن شيئًا لم يحدث هو تعبير عن خيبة الأمل الإسرائيلية.
السؤال الذي يتصدر النقاش الآن في الإعلام العربي هو: إذا أطلقت حماس سراح المخطوفين واستمرت إسرائيل في القتل الجماعي والتطهير العرقي، فماذا يبقى للفلسطينيين؟ يقولون إنه في غياب الرهائن لن تكون لديهم أوراق تفاوض، وستصبح يد إسرائيل حرة أكثر في تصعيد حملة الدمار والقتل.
ولا يمكن رفض هذا الادعاء، فحتى في إسرائيل، بين مؤيدي الاتفاق الجاري هناك من يقول: “فلنفرج أولًا عن المخطوفين، ثم نُنجز حسم حماس لاحقًا”. وكما هو معروف، “حسم حماس” يعني عشرات الآلاف من القتلى الفلسطينيين الإضافيين.
حتى من دون حماس، الفكرة الأساسية هي “الحسم الكامل” — في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، وربما حتى في لبنان وسوريا. مهندسو الحسم يجلسون في قمة الحكومة، وهوس الحسم متجذر في عقول كبار قادة الجيش. "أنصحكم [سكان جنوب لبنان] أن تغادروا فور بداية التوتر، قبل أن تُطلق أول رصاصة"، قال رئيس الأركان أفيف كوخافي في حينه، "لأن قوة الضربة ستكون شيئًا لم تشاهدوه من قبل". هذه الكلمات قيلت في حزيران/يونيو 2022، قبل أكثر من عام من 7 أكتوبر.
ومع ذلك، رغم الظلام المحيط، لا خيار لقوى السلام إلا أن تكون في جانب النور — مع كل محبي السلام في العالم.