إسرائيل تقتل وأمريكا تدفن!
|
منعت الولايات المتحدة الأمريكية، مجددا، قرارا لمجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة.
استخدمت واشنطن، منذ بدء الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع، حق النقض في مجلس الأمن، مرة لقرار سابق بوقف فوري لإطلاق النار (12 تشرين أول/ أكتوبر) ومرة لمنع إرسال بعثة لتقصي الحقائق لتحقق في دعاوى ارتكاب إسرائيل جرائم حرب.
من أصل 89 مرة استعملت فيها أمريكا حق النقض ضد قرارات في مجلس الأمن كان هناك 46 مرة من أجل إسرائيل.
تظهر نسبة الاستخدام العالية هذه (أكثر من نصف عدد القرارات) العلاقة «الخاصة جدا» بين البلدين، كما تبين أن شيوع هذا الاستعمال لا يتعلّق بحماية إسرائيل فحسب، بل باستهداف الشعب الفلسطيني أيضا.
رفضت واشنطن عام 1976 مشروع قرار يؤكد حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وهو حقّ يكرّسه ميثاق الأمم المتحدة، واستخدمت الفيتو في عام 1982 ضد إدانة أعمال التدنيس التي ارتكبتها إسرائيل داخل فناء حرم المسجد الأقصى، ومنعت في عام 1983 قرارا يدين الاعتداءات على السكان المدنيين، وآخر في 1985 ضد مشروع يدين تدابير القمع الإسرائيلية ضد الفلسطينيين مثل حظر التجول والاحتجاز الإداري والترحيل القسري، واستخدمته في 1995 لمنع قرار ضد مصادرة الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية، وفي عام 1997 لمنع قانون يطالب تل أبيب بالتقيد باتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، ولوقف أعمال العنف والعقاب الجماعي، وفي عام 2003 يطالب بمنع أعمال الترحيل واستهداف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وإلغاء الجدار العازل الخ.
تتكرر خلال تعدادنا لتفاصيل مشاريع تلك القرارات المنقوضة، من دون خجل، وقائع حماية الإجرام الإسرائيلي، ومنع أي محاولة لحماية ممكنة للفلسطينيين من قبل المنظومة الدولية، فتتكرس لدى الفلسطينيين، والعرب، والعالم، صورة بلطجيّ كبير يحمي بلطجيا صغيرا، وتظهر أمريكا كدولة عظمى ترخّص تدنيس المقدسات، وتؤيد أشكال القمع كالاحتجاز الإداري والترحيل القسري، ومصادرة الأراضي، وانتهاك حقوق المدنيين خلال الحرب، وارتكاب أنواع العقاب الجماعي.
يمكن تمثيل هذه القرارات المنقوضة على شكل خط يتصاعد فيها اتجاه تحويل إسرائيل إلى قوة عظمى مصغّرة في الشرق الأوسط، مدججة بالترسانة النووية، ووسائل الدمار الشامل، يقابله خطّ يتم فيه استئصال الشعب الفلسطيني، كثقافة وكوجود بشري.
يعتبر ما يحصل في قطاع غزة حاليا النتيجة المنطقية لهذه العلاقة «الخاصة» بين أمريكا وإسرائيل، حيث تقوم تل أبيب بالقتل، وتقوم واشنطن بترخيص هذا القتل دوليا، عاملة بذلك ليس على دفن الفلسطينيين وحقوقهم فحسب، بل على دفن العالم، والحضارة الإنسانية، أيضا.
|
|
|
|
|