ضخت إسرائيل لمطلب الإدارة الأميركية بزيادة كمية الوقود لقطاع غزة وشاحنات المساعدات الإنسانية، إذ بحث الكابينت الحربي الطلب الأميركي بزيادة كمية الوقود إلى 120 ألف ليتر يومياً إلى جانب ضمان توفير المياه والمساعدات الإنسانية وزيادة عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يومياً.
وإلى جانب هذا الطلب دعت الولايات المتحدة متخذي القرار إلى خطوات فورية لمنع اشتعال الوضع في الضفة الغربية والوقوف أمام استمرار اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين.
القيادة الإسرائيلية رفضت بداية المطلب الأميركي واعتبرت أن تزويد القطاع بالوقود يقدم أكبر دعم ومساعدة لـ"حماس" وبذلك تفقد إسرائيل أقوى ورقة لديها للضغط على الحركة.
وبحسب الرئيس السابق لوحدة التخطيط الاستراتيجي في شعبة التخطيط للعمليات العسكرية شلومو بروم، فإن تزويد الوقود يعني السماح لـ"حماس" بالبقاء فترة أكبر داخل الأنفاق فهو بمثابة الأوكسجين الذي يضمن لعناصرها البقاء فترة طويلة، ولذلك اتخاذ مثل هذا القرار ليس بالأمر السهل، لكن إسرائيل تعلم أهمية الاستمرار بالحفاظ على علاقة جيدة مع الإدارة الأميركية التي تدعمها في القتال شرط ضمان توفير المساعدات الإنسانية والحاجات الضرورية للسكان في غزة، مشيراً إلى ضرورة أن تجد إسرائيل آلية معينة تضمن مراقبة كميات الغاز التي تصل بحيث لا يحصل عليها مقاتلو "حماس".
المساعدات الإنسانية واليوم الذي يلي الحرب، أبرز النقاط المختلف عليها بين الإسرائيليين أنفسهم وإسرائيل والولايات المتحدة، لكن الطرفين يتفقان على ضرورة استمرار القتال، الذي شهد، أمس الثلاثاء، تصعيداً كبيراً. وبحسب وزير الدفاع يوآف غلانت، قد يبقى الجيش شهرين في الأقل من القتال "العملية التي تنفذ حالياً شمال غزة ستؤدي قريباً إلى سيطرتنا على كل مدينة غزة وشمال القطاع، في المقابل بدأ الجيش يقاتل في الجنوب وسيكون مصير المخربين في كتائب حماس جنوب غزة شبيهاً بل أخطر مما حدث لهم في الشمال".
عودة السلطة الفلسطينية
الضغوط الأميركية للاتفاق حول اليوم الذي يلي الحرب جاءت بعد تصريحات متكررة لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، برفضه وصول السلطة الفلسطينية إلى غزة على عكس مطلب واشنطن، إلى جانب الكشف عن خطة نتنياهو في غزة التي أعقبها كشف تفاصيل محادثات مغلقة حول مستقبل القطاع بعد الحرب قال خلالها "لن تكون هناك سلطة فلسطينية في قطاع غزة على الإطلاق، لا وجود لعناصرها ولا سيطرة لها"، وهو موقف مخالف لموقف الرئيس الأميركي، جو بايدن، والإدارة الأميركية الذين أوضحوا أن السلطة الفلسطينية ستكون الهيئة الحاكمة في القطاع على أن تجرى إصلاحات لتعزيز السلطة وجعلها مستقرة وتمكينها من السيطرة على القطاع في اليوم التالي للحرب. وشدد بايدن أنه في النهاية يجب أن تتحد غزة والسلطة الفلسطينية تحت إدارة واحدة".
لكن نتنياهو وأمام هذا الموقف الأميركي لم يكتف بالتصريحات بل سعى إلى حيازة دعم الكونغرس على خطة لمستقبل غزة، وفي مركزها اشتراط المساعدات للدول العربية باستعدادها لقبول اللاجئين الفلسطينيين.
نتنياهو: الجيش الإسرائيلي نفذ عمليات "بقوة هائلة" في غزة
وبحسب الخطة يتم نقل أعداد محددة من اللاجئين لكل دولة، حيث تستقبل مصر مليون فلسطيني، ويذهب نصف مليون إلى تركيا، وربع مليون إلى اليمن والعراق.
وكلف نتنياهو وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، بتركيز الخطة وهي تتكون من عنصرين رئيسين، العنصر الأول استخدام ضغوط الحرب والأزمة الإنسانية لإقناع مصر بالسماح للاجئين بالتدفق إلى دول عربية أخرى، والثاني سيفتح طرقاً بحرية، تسمح لإسرائيل بتدفق اللاجئين إلى دول عربية، ثم الهرب الجماعي إلى دول أوروبية وأفريقية أيضاً.
وبحسب موقع "واللا" الذي نقل تفاصيل الخطة فقد تم عرضها على شخصيات رئيسة في مجلسي النواب والشيوخ من كلا الحزبين، وأعرب النائب جو ويلسون عن دعمه العلني لها.
وبحسب الخطة فإن "الحل الأخلاقي الوحيد هو ضمان أن تفتح مصر حدودها وتسمح للاجئين بالفرار من سيطرة حماس. وتقدم الحكومة الأميركية لمصر ما يقارب 1.3 مليار دولار من المساعدات الخارجية، ويمكن تخصيص هذه الأموال للاجئين من غزة الذين سيسمح لهم بدخول مصر".
ويتلقى العراق واليمن نحو مليار دولار من المساعدات الخارجية الأميركية، وتتلقى تركيا أكثر من 150 مليون دولار. ويؤكد واضعو الخطة أن كل دولة من هذه الدول تتلقى ما يكفي من المساعدات الخارجية ولديها عدد كبير من السكان بما يكفي لتكون قادرة على قبول اللاجئين الذين يشكلون أقل من واحد في المئة من سكانها.
وتدعو الخطة أيضاً الولايات المتحدة إلى جعل المساعدات الخارجية لمصر والعراق واليمن وتركيا مشروطة بقبول تلك الدول عدداً معيناً من اللاجئين.
إغراق الإنفاق
تشكل الأنفاق أكثر التحديات التي تواجهها إسرائيل في قطاع غزة وقد روج الجيش لصور كشف خلالها عن أنفاق، اعتبرها خبراء متطورة وضخمة ومتشعبة إلى مختلف أرجاء غزة. وفيما كُشف عن خطة يعدها الجيش الإسرائيلي لإغراق الأنفاق بمياه البحر، حذر أمنيون وعسكريون إلى جانب أهالي الأسرى مما تشكله خطة كهذه من خطر يهدد حياة الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس".
وهناك حديث عن نظام بنته إسرائيل شمال قطاع غزة يتكون من خمسة أنابيب في الأقل قادرة على ضخ مئات آلاف اللترات من المياه من البحر الأبيض المتوسط، وإغراق شبكة الأنفاق التي بنتها "حماس" خلال أسابيع، لكن تلك الخطة حذر منها مسؤول أميركي باعتبارها ستكون خطراً على البنى التحتية للصرف الصحي والمباني في قطاع غزة، إضافة إلى أن استخدام المياه المالحة يمكن أن يضر الخزانات الجوفية للمياه العذبة.
وقال مصدر مطلع على تفاصيل الخطة، إنه من المتوقع العمل قريباً على إغراق الأنفاق مما سيجبر عناصر حماس على تركها مع الرهائن المحتجزين فيها. وأضاف "لسنا متأكدين من فرص نجاح الخطة، لأنه لا أحد يعرف تفاصيل الأنفاق والأراضي المحيطة بها. ولا نعرف ما إذا كانت مياه البحر ستتدفق إلى أنفاق لم يزرها أحد من قبل".
وفي الجلسة التي عقدها الكابينت الإسرائيلي، بعد ظهر الثلاثاء، مع عائلات الأسرى تطرقت إحدى الإسرائيليات التي كانت في أسر "حماس" وعادت حيث شرحت نفسية زوجها المنهارة عندما أبعدوه عنهم داخل الأنفاق "طول الوقت بقي يضرب رأسه في الحائط حتى نزف دمه ونحن داخل الأنفاق نشعر بالخوف الكبير، والآن تقولون إنكم تريدون إغلاق هذه الأنفاق. زوجي وبقية الأسرى ما زالوا هناك وكل يوم يمر عليهم يشكل خطراً على حياتهم".
العائلات خرجت بخيبة أمل كبيرة، وأعلن عدد من الأهالي تصعيد احتجاجاتهم من أجل وقف إطلاق النار وإعادة الأسرى.