xxxxxxxxxxxx xxxxxxxxxxxx

الجبهة الداخلية

الجبهة الداخلية
30/11/2023
بقلم : د. رياض عواد
 

السؤال الرئيسي الذي يجب أن يشغل عقل ووجدان الجميع، خاصة الجهات الحاكمة والقوى السياسية والمثقفين ونشطاء ووجوه المجتمع، هو كيفية حماية الوجود الإنساني وبقاء ابناء قطاع غزة على أرضهم، خاصة في ظل المؤشرات على طول هذه الحرب واستمراريتها بأشكال مختلفة، وهدف الاحتلال الرئيسي منها استنزاف المقاومة وتدمير الحياة وخلق ظروف مواتية تدفع إلى الهجرة الطوعية، إضافة إلى مخططات التهحير المختلفة والسناريوهات المتعددة التي نسمع بها. 
من البديهي أن افشال هدف الاحتلال من هذه الحرب هو بايقافها، واضح ان كل المؤشرات لا تقول بأن المقاومة او المجتمع الدولي أو الضغط العربي قادر على تحقيق هذا الهدف. 
هدف الاحتلال يتحدد في تدمير المقاومة عسكريا وسياسيا، وكيفية افشال هذا الهدف ليس من اختصاص هذا المقال. 
يهدف هذا المقال إلى معرفة كيف لمجتمع يقع تحت الاحتلال وتحت الحرب العسكرية والسياسية الطويلة يستطيع أن يستمر في الوجود ويفشل مخططات الاحتلال في الهجرة والتهجير. 
هذه مهمة جماعية تقع اولا على عاتق اطراف الحكم والقوى السياسية المشاركة في المقاومة ومؤسسات المجتمع ونشطائه ووجوه الخير الكثر. 
بداية، يجب ان تواصل السلطة الفلسطينية دورها وموقفها الوطني الواضح، الذي تقوم به وتعبر عنه كل يوم: لا حل سياسي بدون غزة ولا حل في غزة بعيدا عن الحل الوطني، وأن السلطة لن توافق على حكم غزة مباشرة وفقا للارادة الأمريكية والإسرائيلية ولكن في إطار حل سياسي وطني، كما أن السلطة ستواصل تقديم الخدمات التي تقدمها لقطاع غزة بنفس الطريقة التي تقدمها للضفة الغربية، وكما تفعل منذ 17 سنة أجبرت فيها على البعد عن حكم قطاع غزة. 
أن مواصلة السلطة الوطنية الفلسطينية دعم مختلف القطاعات المدنية، خاصة الصحة والتعليم، ودفع أجور العاملين المدنيين والعسكريين والشهداء والجرحى والاسرى، وتفعيل برنامج الشؤون الاجتماعية للأسر الفقيرة، هو من أهم طرق دعم بقاء اهل غزة على أرضهم ودعم صمودهم وافشال مخططات اجتثاثهم من على ارضهم. 
أن حكام غزة مطلوب منهم فورا حماية الجبهة الداخلية وتوفير الأمن للمواطنين ومنع النهب والسرقات وحماية المؤسسات ومنازل النازحين والضرب على يد اي افراد تحاول تحت اسم المقاومة، أو أي مسميات أخرى فرض الفوضى والبلطجة والخاوة على الشعب، أو استغلال ونهب المساعدات التي تصله. 
يعتبر اهالي قطاع غزة الان، بعيدا عن مستوياتهم الاجتماعية السابقة ووظائفهم الاسمية، جميعا فقراء يحتاجون إلى كل أشكال المساعدة، لذلك فإنه من الأهمية أن تصل المساعدات التي تصل، سواء كانت قليلة أو كثيرة للجميع، ومن الضروري توزيع كل ما يصل من مساعدات إلى جميع السكان بشفافية وعدل ودون أي تفرقة أو محاباة أو دسدسة في الليل أو النهار. 
يجب أن توكل مهمة توزيع المساعدات الغذائية أو ما شابه الى الانروا والسي اتش اف لمعرفتهم ومقدرتهم وخبرتهم الواسعة على التوزيع بالعدل والنظام، وبطريقة نحفظ فيها كرامة الناس ونمنع عنهم ذل الطوابير والتزاحم. 
أن الجمعيات الخيرية الإسلامية وغير الإسلامية لا تستطيع أن تقوم بهذا الدور وهذه المهمة، وسمعتها في هذا المجال سيئة ولا تعرف العدل والمساواة بين الناس ولا تسعى إلى تحقيقه. 
اما بالنسبة لقضية توزيع غاز الطهي فحلها من السهولة ويجب أن يكون ذلك من خلال موزعي الغاز وعلى البطاقات الشخصية للمواطنين، من العيب والمذل أن نرى ما نراه حول محطات تعبئة الغاز، هذا لا يليق بأهل غزة ولا بسمعتهم ولا بحكامهم، كيف تقبلون ذلك على انفسكم؟!. 
يجب وقف ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالطرق المبالغ بها، ووقف الاحتكار والاستغلال وبيع المساعدات للمواطن من خلال التجار أو الحكام أو أي من المستغلين 
أن حماية وتشغيل النظام الصحي والحفاظ على برنامج الرعاية الأولية وتطعيم الأطفال وحمايتهم من أمراض الطفولة والاعتناء بصحة النساء والحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة، وتوفير نقاط صحية في مراكز الايواء يجب أن يكون له الاولوية. كما يجب توفير ادوية الجرب وشامبوهات ضد القمل وتوزيعها على مراكز الايواء بشكل واسع. 
أن حماية المستشفيات واقسام الطوارئ وسرعة تحويل الحالات والجرحى حسب كل حالة يجب أن يتواصل من خلال التعاون مع الدول العربية والمؤسسات الصحية الدولية. 
أن إعادة تفعيل التعليم الإلكتروني والمنزلي مهمة قصوى يجب التفكير فيها رغم الصعوبات الجمة التى تواجه مثل هذه العملية وضعف النتائج المرجوة. 
قائمة الاهتمامات والمطلوبات طويلة ولكنها تهدف جميعها إلى حماية بقاء الناس على أرضهم وافشال مخططات الهجرة والتهجير. 
يجب التفكير في تشكيل لجان للحماية والدفاع المدني في الأحياء والحارات من أصحاب السمعة الجيدة والقادرين على التصدي لكل من يريد العبث بامن المجتمع ويعتدي على أبنائه.
يرتكز تنفيذ هذه المهمات والمتطلبات على ركيزتين اساسيتين: توفير الأمن المجتمعي والشخصي للناس من ناحية، والعدالة والمساواة والشفافية في توزيع ما يتوفر، رغم شحه على الجميع، من ناحية اخرى.
حماية الجبهة الداخلية ليست شعارات يتغنى بها، بل هي طرائق للتفكير وأساليب عمل واضحة وصادقة وارادة صلبة تتطلع إلى الانتصار، والذي عنوانه الرئيسي البقاء على ارضنا. 

 
 

للمزيد : أرشيف القسم