xxxxxxxxxxxx xxxxxxxxxxxx

أبي.. متى يستيقظُ العربُ؟؟

أبي.. متى يستيقظُ العربُ؟؟

بقلم : حسين سويطي

عنيداً مثلَ مَوْجِ البحرِ كانْ
وطويلًا مثلما طالَ الزمانْ 
وبريئًا 
من دمِّ يوسفَ
 وبريئًا 
من دمِّ عثمانْ،،،
منتصبًا كسارية العَلَمْ
مستقيمَ الظهرِ لا اعوجاجَ فيهْ
لم ينحنِ الا ليداعبَ الأرضَ او طفلًا أو سُنبُلةْ
حُلمُهُ كان أنْ يتعلمَ كيفَ يكتبُ اسمَهُ ويكتبُ اسماءَنا واسمَ قلعته 
جدّين..
وكرفاقِ جيله 
صدّقوا لسذاجتهم 
أن الحربَ سُحُبُ دخانٍ وجلجلةُ مذياعٍ
وضربُ عصا
 وأن العودةَ قاب قوسٍ أو أدنى
وانتظروا العائدينْ، 
والنفس ُإن حضر الرفاقُ تطيبْ...
**
كان راعيًا 
واختارَ أن يظلَّ قريبًا من قلعتِهْ
وكلَّ يوم يدفع القطيعَ باتجاهها ليقترب منها أكثرَ وأكثرْ
علَّهُ يتسللُ عبر الأسلاكِ الشائكة التي نصبوها فوقَ السناسل
فيداعبُ أفكار الطفولة 
مثلَ صخرةٍ في سنسلة تحتاج الى حصوةٍ تسندها، 
هكذا ذاكرتنا 
بحاجةٍ دائمة لذاكرةٍ أخرى تتكئ عليها وتسندها!!
كان كلَّ يومٍ يقترب أكثرَ فأكثرْ
ويحسُّ بلوعةٍ تكوي ضلوعَهْ
وكلّما عطشَ 
كانَ يروي ظمأه من دموعِهْ..
**
لم تنتهِ الحربُ
بل تكررت مرةً ومرةً ومرتين وأكثر 
وهو ينتظرُ
نصرًا يلوحُ في الأفقِ يشفي غليلَهُ
او غصنَ زيتونٍ وحمامًا 
طالما انتظرَ هديلَهُ
والجيوشُ لا تزحف على بطونها 
وهو ، 
لا يأكلُ شرائحَ اللحمِ راكعًا 
بل يكتفي بالخبزِ الحافْ
واقفًا ،،*
كفُّهُ بنتُ ذراعِهِ
ولسانُهُ، 
حصانُه الذي لم يَكْبُ يومًا ولم يخُنْهُ في مسيرِهِ
وإنْ تفرّقَ الرعاةُ غيرَ مرةٍ من حولِهِ
لم تُغرهِ صنوف الأطعمةْ
ولم يسقطْ بين نيران الأنظمةْ
وورود الأنظمةْ
****
أبي الذي أعرفُه 
أنتْ،
على صخرةٍ في بيادر أولِ منفىً كان لكْ 
صلبوكَ في عزِّ الظهيرةِ 
عندما جاءكَ خالي اللاجئُ 
من منفاه 
متسللًا في عزّ الليل
وكشفَ العسَسُ أمرَكْ،
رفضتَ أنْ تساومَ الظابطَ الذي أشرفَ على جَلدِكَ، 
وما أسلمتَ لهمْ سرّكْ 
ولسانُ حالك أنّكَ 
إذا عزمتَ أنْ تفاوضْ 
فلا تقايضْ 
بين حليفٍ ما زالَ معكْ
 وهجينٍ جاءَ ليقلعَكْ!
وصمدتَ وصدقتَ وانتقمتْ!!!
***
وأنا،
لي نصيبي من الحياةْ ومن نصيبِكَ في لُجوئِكَ
وما يصيبني 
جزءٌ مما يُصيبُكَ مرتينْ
ويحيّرني السؤالُ:
اذا ما مِتُّ في لجوئي هنا 
أأُبعثُ يومَ البعثِ حيًّا هُنا في منفايَ لاجئًا من جديدْ، 
أم اولَدُ طفلًا سارحًا في وَعْرِ جدّين؟!
*****
عندما شَجّت عصا الشرطي ما فوق حاجبي الأيمن،
لم يؤنبني أبي....
وعندما شَجّت ما فوق حاجبي الأيسر ،،
لم يُهَرِّبني أبي ...
كان ابي طويلًا أشْهَلَ العينينِ مفتولَ الشوارب،
حازماً صارماً عاشقَ البُنِّ والهالِ والمهباجِ كان ،،، 
ذاتَ يومٍ تَنَهّد أبي طويلاً وقال لي : "أشعُرُ بالأَسْفَلْتِ عجينًا تَحتَ قَدَمَيْ "..
***
عاش أبي على أملٍ 
أن يستيقظَ العربُ ،
وظلَّ يسألُ:
متى يستيقظُ العربُ ؟
وماتَ ولم يعرفْ 
متى يستيقظُ العربُ؟
وأورثَنا السؤال،
متى يستيقظُ العربُ؟
وما زلنا نسألُ بعدهُ
متى يستيقظُ العربُ؟
وسنورثُ اولادَنا السؤالَ،
متى يستيقظُ العربُ؟
فهل سيعرفُ أولادُنا 
متى يستيقظُ العربُ ؟!!
وهل يعرفُ العربُ 
متى يستيقظُ العربُ؟
وهلْ يستيقظُ العربُ؟؟!!
----------------
*إستعارة من مثل روسي يقول:"أفضّلُ أن آكل الخبز الحاف واقفاً،على أن أتناول شرائح اللحم راكعًا"
(أبوسنان ٢٠٢٣/٥/٢٩)