من قبيل التذكير: وأنا أتردد على سورية أثناء ضراوة الحرب-ولا أقول العدوان- على سورية، وقصف أحياء دمشق، وتدفّق المرتزقة بلحى تغطي صدورهم، وبعضهم يلوح بالخناجر لإثارة الذعر في نفوس السوريين، ودفع بعضهم للهرب خارج سورية مع إغوائهم بمغريات مادية كبيرة في حال اندفاعهم هاربين من وطنهم سورية، من مدنهم وقراهم، وشتمهم لدولتهم...رفعت صوتي عالياً: سورية ستنتصر...
وها هي تواصل الانتصارات، وتراكمها، بعد 11سنة من القتال في الميادين السورية، بمعارك هائلة يخوض غمارها الحيش العربي السوري، الجيش الذي قاتل الفرنسيين في ميسلون بقيادة قائده ووزير دفاعه البطل يوسف العظمة الذي استشهد وهو يردد مقولته التي لا تنسى: لن يدخل الفرنسيون دمشق إلاّ على الدم..وبالدم ، وبالسلاح البسيط قاتل الجيش العربي السوري الغزاة الفرنسيين حتى الاستشهاد، وهكذا تضمخت ميسلون بدم ابطال الجيش العربي السوري، ومن لبوا نداء يوسف العظمة للذود عن دمشق العريقة الشامخة، وهذا الدرس بقي في وعي وتربية جيش سورية في كل معاركه، وآخرها معركة دفاعه عن سورية الوطن، سورية العروبة، سورية آخر موقع قومي بين إقليميات منبتة، ضحلة الوعي، لا هويات ولا انتماء لها.
قلت مع آخرين اعتز بهم كتابا ومثقفين، وسياسيين منتمين: هذه معركة الأمة، ولن أقف، ونقف..متفرجين، فلا حياد والجهلة الهمج يُهددون دمشق، ويستبيحون أعرق مدن سورية، ويدمرون أريافها، وبالأصوات الواثقة، وبالكلمات الشجاعة تصدينا لحملات التزوير، فما يحدث ليس ثورة شعبية، بل مؤامرة على عروبة سورية، واستقلالية قرارها وخطّها ومسارها،ورفعها لراية العروبة، وتمسكها بالقضية الفلسطينية في زمن التطبيع المعلن و( الستخفي) ، وفي زمن تبديد هوية الأمة وانتمائها...
من عاش مثلي في سورية يعرف استقلالة سورية اقتصاديا، وتعليمها المجاني لكل أبناء وبنات سورية، ولكل العرب الذين يقيمون في سورية، أُسوة بالسوريين، وفي مقدمتهم العرب الفلسطينيون، وهو ما قدمته سورية للعراقيين الذين تدفقوا إليها بمئات الألوف، والذين ردّوا على فضل سورية (بفزعتهم) معها لمواجهة دمار الزلزال وما ألحقه من خسائر في مناطق الشمال السوري...
لا أريد أن أتحدث عن ( عودة) جامعة الدول العربية لسورية، فسيكتب الشرفاء كثيرا عن تحقق هذا الانتصار السوري بفضل شعب سورية الذي صمد وما يزال، والجيش العربي السوري البطل في الميادين، والقيادة العربية السورية وعنوانها الرئيس بشّار الأسد..وما تميزت به من صبر، وطول نفس، وكظم للغيظ، وجلد في ميادين المعارك، وقدرة على تحمل التدمير، والتخريب، وقطع الرؤوس، وأكل الأكباد...
وكل هذه الوحشية غير المسبوقة في الحروب صمت عليها بشاعتها (المثقفون) المستأجرون، ولم ترها عيونهم، ولا سمعت بها آذانهم، وواصلوا (تنظيراتهم) (للسورة) التي تحارب (النزام)!..وكانوا يراهنون على أن الدولة السورية ستنهار، والجيش العربي السوري سيُهزم، والشعب السوري سيتمزق في (كيانات) لأن هدف الحرب تمزيق سورية ، وأن العلم الذي رفعه العملاء والمتآمرون بنجومه الثلاث كان يهدف إلى ثلاث كيانات حتى لا تقوم لسورية العربية قائمة بتحيلها إلى أشلاء، وحتى يندثر الصوت العربي الذي ينبعث من دمشق قلب العروبة النابض، و..يتحقق الهدف الأمريكي الصهيوني بإنهاء تواجد المقاومة الفلسطينية في قلب العروبة النابض (دمشق)، و..تتسيّد الإقليميات التي مصالحها فوق أي اعتبار، فلا عروبة، ولا فلسطين، ولا ما يجمع الوطن العربي الكبير، لأن دول ( الإقليميات) ستسود كما سادت دول الطوائف في الأندلس.
أخطر دور تزويري منافق مرتزق منحط لعبه من يوصفون بالمثقفين، منظرين، صحفيين، محللين، سواء على فضائيات التزوير والكذب والتحريض، أو على صفحات صحف التآمر الممولة علنا ممن يهدفون لإنهاء سورية كآخر قوّة عربية مستقلة مقاومة ...
هل ستنتهي (مهمة) مثقفي الإرتزاق بينما سورية تحقق انتصاراتها على كافة الصعد، وأهمها هزيمة مخططات الأعداء: أمريكا، الكيان الصهيوني، ودويلات التآمر التي باتت معزولة؟
سورية العروبة بخطها القومي، باستقلاليتها المدفوعة الثمن دما ودمار مدن، وتشريدا، وتمزيقا ..تعود مرفوعة الرأس، وتواصل مرفوعة الراس، وبعد 11 عاما من المقاومة، وبدعم الأصدقاء تتقدمهم إيران، ومن بعد روسيا، وبرفقة التضحية والدم والبطولة للمقاومين اللبنانيين والفلسطينيين، تنتزع موقعها ودورها، وتواصل معركتها المفتوحة ...
ماذا عن مثقفي التزوير والإرتزاق ؟! سيسعى بعضهم للتزلف لسورية، ولكنهم في قلوبهم وعقولهم المريضة لن يتوبوا عن دورهم كمرتزقة (يُزمرون) لمن يفع لهم، ولا يؤمنون بدور المثقف وشرفه ومصداقيته، وبأن هذه القيم هي جوهر حياته...
دمشق التي تجيد إدارة معركتها السياسية، لن تغفر (للمثقفين) المرتزقة، فهؤلاء خطر على وعي الأمة، وعلى ثقافتها، وعلى حاضرها ومستقبلها، ولا مبررات تبرر خياناتهم للوعي، وللدور اللائق بالمثقف المنتمي لأمة تخوض معركة وجودها وبقائها...
مثقفو الإرتزاق في مأزق كبير، ولن يرحمهم شرفاء الأمة، فهم أنفسم من خانوا دمشق وفلسطين.
المثقفون الثوريون المقاومون سيبقون مستيقظين وبالمرصاد لمثقفي التزوير وبيع الضمائر، فلا مغفرة ولا صفحآ عنهم يا دمشق الحبيبة.