xxxxxxxxxxxx xxxxxxxxxxxx

عبادات بدون اخلاق!!

عبادات بدون اخلاق!!

بقلم : د. محمد الفقيه

ومن المفارقات العجيبة التي تكشف عن مدى سوء فهمنا لدين الله، وسوء فهمنا لترتيب الأولويات في رسالة الله، أن المسلم الذي اعتاد على أداء الشعائر التعبدية في وقتها مثلا ؛ يعتبر تأخير الصلاة عن وقتها، أو عدم آدائها في المسجد معصية كبيرة، وكذلك يعتبر إفطاره يوما في رمضان كارثة عظيمة،  ولكنه في نفس الوقت لا يشعر بوخزة ضمير إذا نافق لمديره أو للمسؤول عنه، ولا يؤنبه ضميره وهو يغتاب غيره، ولا يرف له جفن وهو يتعامل بالواسطة ويظلم الآخرين ، ولا يشعر بالحرمة وهو يتأخر عن دوامه ، ولا يشعر بالأثم وهو لا يتقن عمله ، علما بأن هذه القيم الإنسانية أمرنا الله تعالى القيام بها كما أمرنا بالشعائر التعبدية ، بل أن تنفيذ ممارسة القيم الإنسانية مقدم على الشعائر التعبدية.

الكذب أشدّ إثما عند الله من الإفطار في رمضان، والغيبة والنميمة والنفاق وأكل أموال الناس بالباطل أشدّ إثما من شرب الخمر ومن تأخير الصلاة عن وقتها ، لأن الشعائر التعبدية بما فيها الصلاة والصوم والحج هي حقوق لله تعالى، ومغفرة التقصير في أدائها يتحقق من خلال التوبة الصادقة لله تعالى، بينما الكذب والغش والنفاق والغيبة والنميمة وأكل أموال الناس بالباطل لا تغتفر إلا بأن تعيد الحقوق الى أصحابها.

ومما يؤسف له أننا في منظومتنا الفكرية قدمنا الشعائر التعبدية على منظومة القيم الإنسانية، مما ترتب عليه تخلفنا حضاريا في مختلف مناحي الحياة.

فكم نحن بحاجة الى إعادة قلب الهرم في منظومتنا القيمية بحيث تصبح القيم الإنسانية هي قاعدة الهرم وهي الأساس في بناء شخصية المسلم ، وأنه لا قيمة مطلقا للشعائر التعبدية إذا لم تستقم شخصية المسلم وتجعله يسير وفق الخطة التي رسمها له الحق عز وجل لتصل به إلى مصاف خير أمة أخرجت للناس.