فجرت صور متداولة على مواقع التواصل تظهر انهيار جزء من مسرح الهلال الأثري في شارع الرشيد وسط بغداد؛ غضبًا لدى العراقيين، مما وصفوه بـ "الإهمال" المتعمد للمواقع التي تمثل البعد التاريخي والثقافي للبلاد.
ويقع المسرح في منطقة تدعى "خان المدلل" في ساحة الميدان وسط بغداد، وهو سوق مختص ببيع المقتنيات والتحف القديمة والتراثية والنادرة في دكاكينه المعدودة ورواقه الضيق.
ويقصد المسرح، كل من يقتني هذه السلع وهواة جمع الطوابع، ويعد من أقدم خانات بغداد، حيث بني قبل 117 عامًا.
واقترن اسم مسرح الهلال؛ الذي يقع في الربع الشمالي من شارع الرشيد، بـ "كوكب الشرق" أم كلثوم التي أحيت أولى حفلاتها في بغداد على خشبته عام 1932.
وتأسس مسرح الهلال، وهو جزء من فندق الهلال، عام 1918 مع بداية الاحتلال البريطاني للعراق، حيث كان يعرف سابقًا باسم "ملهى ماجستيك"، وغنى على خشبته كبار المطربين العراقيين مثل ناظم الغزالي وعفيفة إسكندر.
ويعتبره البغداديون الأيقونة الشاهدة على حضور "سيدة الغناء العربي" للعاصمة العراقية "بغداد".
وقال علي حميد؛ مدير دار أكاد للنشر والتوزيع عبر حسابه في "تويتر": "مسرح الهلال ضمن فندق خان المدلل، غنت عليه أم كلثوم بثلاثينيات القرن الماضي، كان على وشك السقوط واليوم سقط".
وأردف: "هذه الأماكن وخصوصًا شارع الرشيد تمثل بعدنا التاريخي والثقافي وهويتنا الوطنية، التي يجب على الدولة توفير العناية لها".
ووثقت صورٌ تداولها مدونون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، انهيار جزء من شرفة الواجهة الأمامية للمسرح مع تهالك مساحات كبيرة منه، حيث يبدو كأنه آيل للسقوط.
وعبّر عراقيون عن غضبهم من إهمال الجهات المسؤولة للمواقع الأثرية والتاريخية، والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى مئات السنين، وتعد رمزًا وصرحًا فنيًا وثقافيًا.
وطالب مدونون، وزارة الثقافة والآثار والسياحة بحماية ما تبقى من الإرث الحضاري والثقافي والفني للعراق، خاصة أن تلك الآثار تمثل قيمة كبيرة لدى العراقيين.
وقالت الأديبة أوفيك الموسوي: "مسرح الهلال شيد عام 1918 في شارع الرشيد ببغداد أثناء الاحتلال البريطاني للعراق، وأحيت الراحلة أم كلثوم حفلًا فيه عام 1932".
وأردفت: "المبنى انهار وكان من المفترض إعماره وجعله تحفة فنية في قلب بغداد، بدلًا من الإهمال والاستهانة بأرواح المارة".
وكتب المغرد صدام العبيدي متأسفا على الحال الذي وصل إليه مسرح الهلال، "هنا غنت أم كلثوم في بدايتها، 105 أعوام من التراث اُهمل وقريبًا سيصبح مكانا تجاريا لشخص ذي نفود".
وتعد زيارة أم كلثوم للمسرح أهم الزيارات وأكثرها شهرة منذ تاريخ تأسيسه حتى الآن، حيث شهد الحفل الغنائي في حينها حضورا عالي المستوى.
وقد وصلت تذكرة حفلاتها إلى أسعار مرتفعة حينها، ونشرت جريدة الاستقلال مقالا عن الزيارة بعنوان "سحر بابل وفرعون في ملهى الهلال"، وقالت إن أم كلثوم قدمت 12 حفلة بداية من 18 أكتوبر/ تشرين أول 1932.
كما غنت في مسرح الهلال المطربة المصرية نادرة صاحبة الأغنية الشهيرة "يقولون ليلى في العراق مريضة، فيا ليتني كنت الطبيب المداويا"، وكذلك المطربة منيرة المهدية التي سبقت أم كلثوم إلى بغداد عام 1919.
وغنت "المهدية" في سينما سنترال ثم ملهى الهلال، إضافة إلى سفير الأغنية العراقية ناظم الغزالي وزوجته سليمة مراد.
ولم تصدر الجهات المسؤولة لغاية الآن أي إجراء عاجل يخص إعادة تأهيل أو ترميم المسرح، على الرغم من المطالبات بالتحرك لإنقاذ أحد أشهر مسارح بغداد.